Tuesday 15 December 2020

مؤمن غير تقليدي، كائن يدعى (امعفنة)...


يؤمن بالله والرسول ويوم القيامة، كما يؤمن بالسحر في البسبوسة، ويعتقد أنه قد تعرض إلى العديد من طواجين البسبوسة، لكنه تفاداها بفضل ذكائه ودعاء الوالدين.
هل تصدق هذا؟ لأنه من النوع الذي يسأل كلما مر عليه قِط شارع:

هذا قطوس وإلا قطوسة؟

يعاني تصحراً وندرة في كل المؤنثات من حوله، إضافةً إلى شبق مستديم وحاد، رغم هذا يروي عن مترصداتٍ له بالسحر، عبر دسه في قطع البسبوسة لكن، كيف؟ وأين؟ ولماذا؟ لا أحد يدري ولا يسأل، اتقاءَ رائحة فمه وشرِّه.

أما عن دعاء الوالدين الذي ساعده في النجاة من فخ السحر، فهو مؤمن جداً بأهميته، رغم ذلك لم يفوت فرصة لسرقة أبيه وأمه إلا اقتنصها، لدرجة أن العقد الوحيد المتبقي في رقبة والدته هو مفتاح باب غرفتها ومفتاح الدولاب.

لا يمكن أن تصدر عليه حكماً مستعجلاً، قبل أن تعرف كل تفاصيل حياته، فهو سيء إلى درجة أنه سرق دكاكين وبيوت كثيرة، لم يعد يتذكر أكثرها، حتى أنه في إحدى المرات عاد ليبيع بضاعة إلى الدكان ذاته، الذي كان قد سرقها منه في ليلة سابقة، وبعد أن ضربه رجال الشرطة وعلقوه، تغوط على نفسه، الأمر الذي كان سبباً في إخلاء سبيله لعدم وجود أي حل لمشكلة المجرم ورائحته ومضاعفات استجوابه، فأخلي سبيله، وبقي معروفاً لدى الشرطة باسم (امعفنة) ذهب امعفنة، جاء امعفنة، ولم يعد يعرف في الحي ومراكز الشرطة بغير هذا الاسم.


لا تستعجل في الحكم عليه، لأنه يملك علامات على جانبي السالب والموجب، فرغم أنه بعد انفلات الأوضاع وانتشار السلاح، راح يقطع الطريق ويسرق السيارات بقوة السلاح وقتل أيضاً العديد من أصحاب السيارات المسروقة، لكن رغماً عن هذا لديه قلب رقيق مثل قطعة كبدة دجاج، فهو يطعم كلاب الحي، يجمع لها بقايا الطعام، ويرزقها بساعديه هي و القطط، أيضاً ينثر القمح والأرز للطيور والحمام.





يجلس أمام باب (البراكة) المقابلة لباب بيتهم وسط الحمام واليمام و(الزرازير) ومن حوله مصارين الدجاج على الأرض (طعاماً للقطط)
يفرض سلاماً بين القطط والطيور النازلة على القمح والشعير، لا أحد من القطط يغادر وجبته ليقتنص يمامة أو حمامة أو عصفور، ينظر بابتسامة وبلاهة إلى حالة قططه وطيوره، ثم يدور خلف (البراكة) من الجهة المقابلة للطريق، ويتفقد (نصف القلوني) الذي كان قد أعده وعاءً لطعام الكلاب المشردة، هي أيضاً لها نصيبها من مائدته، يفرغ كيس بقايا الطعام في الوعاء و يمسد ظهر كلبٍ منغمس بكامل وجهه في وجبة المكرونة وأرجل الدجاج.
يشعر بالرضى عن نفسه تماماً، وحين يصل (صبي الحشيش) الذي يأتيه يومياً باللازم لتدخينه، يقول:

"والله يا بوراس، لو مش دعوة الولدين والخير اللي اندير فيه في البهايم، راه ربك ساخطني.."

يتناول طرف الحشيش من (بوراس) ويقلبه بين أصابعه التي كانت تقلب مصارين الدجاج وتمسد ظهر كلب أجرب، ويقول:

"امشفرينه يا بوراس، الطرف كل يوم يصغر.."

ويضحك ضحكة ملؤها أسنان صفراء وبنية بارزة من وراء خيوط اللعاب الواصل بين الشفتين البنيتين جداً.
يبدأ يومه بإطعام الحيوانات وينظر إلى السماء وإلى وجه بوراس ويبدأ في إعداد سجائر المساء، ثم يأخذ في الحديث إلى نديمه عن طواجين البسبوسة و (إن كيدهن عظيم)
آخر اليوم يكون قد رسى قراره على فريسة ما، دكان أو بيت، زاوية مظلمة بين الأحياء يقبع فيها لاقتناص سيارة عابرة، أو يسرق إحدى السيارات المركونة أمام أحد البيوت، كل يوم بيومه، أو كما يقول هو (كل يوم برزقه).
يمكن أن تقول عن (امعفنة) أي شيء، إلا أن تقول أنه لا يحمل إيماناً في قلبه، (امعفنة) مؤمن على طريقته.

No comments:

Post a Comment